رؤيا استقرائية لعوالم (الجرفات) الدرامية للكاتب العراقي قاسم مطرود : صباح الانباري

الاشتغال إشارياً على ظرفية الـ(هنا) و الـ(هناك): أسس قاسم مطرود رؤياه دراميا في مجموعته(الجرافات لا تعرف الحزن) على عالمين متباينين، الأول واقعي يفضي إلى آخر تخيلي، والثاني ذاكراتي يلتحم مع الأول كمنجز له، وينفصل عنه ككيان مستقل قائم بذاته وتتحكم بهما موجهات فكرية ودرامية تتساوق مع طبيعة الخطاب المسرحي في كل منهما، وتتحدد من خلالهما طبيعة(الثيمات) التي اشتغل عليها في أغلب أعماله إن لم نقل كلها. فالحضور والغياب، والانتظار والعودة، والحياة والموت ثيمات ثنائية انتقلت شخصياته بينها، وتذبذبت أفعالها بين واحدة من تلك الثنائيات أو أكثر ضمن النص الواحد أو مجموعة النصوص كلها. بمعنى

حداثة المثقف.. تحديث الدولة : سعد محمد رحيم


موقع بعقوبيون يهنئ اعضاء الاتحاد العام للادباء والكتاب في العراق في يوبيله الذهبي

أسسه الجواهري بهجة وملاذا لكن التهميش يلاحقه في السابع من ايار 2009، يكون عمر الاتحاد العام للادباء والكتاب في العراق خمسين عاما، هذا الاتحاد الذي ولد عام 1959، وما كان عل مر السنين سوى نطفة في رحم الغيب، وهذه الخمسين عاما تعني اليوبيل الذهبي له، والاحتفال به ضرورة من ضرورات عمل الاتحاد لاسيما ان المناسبة مميزة، ولا بد فيها من استذكار قوافل المبدعين الذين اصبح الحرف الجميل ملاذهم وعملهم، واستذكار قوافل الكتب التي انتجتها عقولهم وقلوبهم، والذين سكبوا عصارات افكارهم ونتاجهم الادبي والفكري من اجل الاخرين ولاعلاء شأن الثقافة والناس في هذا البلد، فالذاكرة لن تنأى بعيدا حين تمتد يدها لقطف ثمار اشراقات الابداع، كما ان العيون لن تذهب بعيدا وهي تتطلع الى الواقع الذي فيه هذا الاتحاد والادباء الذين ينتمون اليه او الذين يتأملون اشكال الصور التي تتراءى لهم، فما زال هنالك معاناة يمكن قراءتها بسهولة، وهذه الهواجس لابد منها حتى في الاحتفال باليوبيل الذهبي الذي يمثل محطة مهمة، ضمن المراحل العديدة التي تشكل مسيرته، وقد مر عليه ثمانية رؤساء اولهم الجواهري واخرهم فاضل ثامر وبينهما كان: عبد الامير معلة ونجمان ياسين ورعد بندر وهاني وهيب ولؤي حقي ومن ثم بعد التغيير الراحل الدكتور عناد غزوان ومن اجل التعرف على مسيرة الاتحاد منذ ولادته وظروفه السابقة والحالية، كان لابد من ان نحتفل على طريقتنا الخاصة قبل الاحتفال الذي سيقيمه الاتحاد بهذه المناسبة. لقاؤنا الاول كان مع رئيس الاتحاد فاضل ثامر الذي قال اولا: انا اعتقد هذا تاريخ مجيد من عمر العمل المهني والنقابي وللادباء والكتاب، وهو يدلل على وعي ذاتي متقدم للاديب العراقي لكي ينظم نفسه وكذلك من اجل الارتقاء في اداء العمل الثقافي واعادة تنظيم الانشطة الثقافية، انا اعتقد ان العمل الادبي فردي في الجوهر ويعتمد على الموهبة والجهود الذاتية ولكن مع ذلك فأن المؤسسة الادبية الناشطة مثل الاتحاد قادرة باستمرار ان تعيد تنظيم الحياة الثقافية على وفق اسس اكثر جدوى.واضاف: انا بتواضع امتلك تصورا شاملا عن اهميةبناء استراتيجية طاقلتية شاملة، وهي لا تعتمد على نشاط الاتحاد بل على كل المؤسسات الرسمية والشعبية والتي تستطيع ان تنهض بمسؤولية كبيرة في بناء القاعدة المالية والشبكات الداخلية للثقافة وتحقق مراكز دور النشر والدفاع عن حقوق الاديب العراقي والتأليفواعادة حقوق الرواد لتوفير حياة كريمة لهم ورواتب تقاعدية ونشر اعمالهم، انا امتلك تصورا شاملا، ولكن تقع المسؤولية على الحكومة في عدم تهميشها للثقافة واعطاء دور اكبر في صناعة القرار السياسي والثقافي، وللاسف ان جميع الوفود التي تسافر خارج العراق لم يكن معها اي اديب، ورحلة السيد المالكي الاخيرة فيها اكثر من مئة شخص ليس فيهم اديب واحد ونحن نعرف ان المثقف هو الذي يديم الحوار مع المثقف الاخر، ولكن للاسف لا احد يسمع وهناك قطيعة حقيقية بين السلطة والثقافة ويخيل لي وجود الوان من العداء المستمر ضد الثقافة والمثقف وارجو ان تنتهي هذه الحالة.واستطرد فاضل: وبهذه المناسبة اهنيء الادباء العراقيين وادعوهم الى ان يقوموا بدور اكبر في الحياة الاجتماعية وان يتجنبوا الاستسلام للضغوط لتسييس الاتحاد والدفاع عن حقوقهم، كما ادعوهم الى ان لا يعودون الى قضية المديح والتطبيل والعمل من اجل العراق والحب والسلام.يقول الفريد سمعان الامين العام لاتحاد الادباء: في العهد الملكي لم تكن هنالك جهة ثقافية معينة تضم معظم الادباء الذين كانوا يلجون الى المقاهي الادبية في بغداد مثل: مقهى الزهاوي وحسن عجمي والبرلمان، وكان حلما ان يكون لهم اتحاد يلملم المثقفين من كل مكان ويضمهم تحت هذه الخيمة الرائعة، وقد بادر شاعرنا الكبير محمد مهدي الجواهري بتأسيس هذا الاتحاد وكانت معه باقة من كبار المثقفين واساتذة الجامعة من بينهم الدكتور المخزومي ود. صلاح خالص وعلي جواد الطاهر وعبد الوهاب البياتي ولميعة عباس عمارة ونازك الملائكة ونعمان ماهر الكنعاني، وعدد اخر من اللذين اجتمعوا في بيت الجواهري الذي كان في الاعظمية على ضفاف نهر دجلة، وكان هذا الاجتماع التمهيدي ركنا اساسيا في تقديم طلب تأسيس الاتحاد وقد قبلت السلطة الوطنية التي جاءت بعد ثورة 14 تموز المجيدة 1958، وخصص له المقر الحالي وكان ناديا لاحد الشخصيات السياسية البارزة ويشرف عليه وهو توفيق السويدي الذي كان رئيسا للوزراء لعدة مرات، وفي الجلسة الاولى للهيأة العامة انتخب الجواهري رئيسا، وتم تعيين محمد صالح بحر العلوم مديرا للادارة ولكنه لم يستطع ان يقوم بهذه المهمة لنقص الخبرة فعيننوني للادارة والمحاسبة وكنت عضوا في الاتحاد، ومما اتذكره ان الاتحاد ضم باقة مهمة من الاساتذة الجامعيين الذين لهم اسماء بارزة وقد اشتهرت فيما بعد.واضاف: وبدأ الاتحاد يقبل طلبات العضوية ولم تكن بهذا الاتساع، كما ضم عناصر من الشباب من بينهم رشدي العامل وموس النقدي وماجد العامل وعبد الرزاق عبد الواحد والفريد سمعان، كما كان هناك بعض الطلبة في كلية الاداب، وقد وضع هذا الاتحاد اللبنات الاولى لتشكيل الثقافة العراقية، وصدر عنه مجلة الاديب العراقي وبعض الكتيبات الصغيرة كأماسي الاتحاد كما اقام مهرجانا للرصافي عام 1960 واصدر عنه كتابا وصنع (ميدالية) برونزية تخليدا للشاعر الاصيل الذي مات معدما.ومضى الفريد في حديثه قائلا: لقد كان هذا الاتحاد الدعامة الاساسية لتطوير الادب العراقي، وتواصلت جهوده مع الثقافة والمثقفين واصبح له موقع بارز بين الاتحادات العربية، كما اقام بعض الصلات مع المثقفين ومؤسساتهم في بعض البلدان الاجنبية من جملتها الاتحاد السوفيتي وبلغاريا والمانيا الديمقراطية، وهكذا استطاع ان يوصل الكتاب العراقي الى ابعد الاماكن بجهود خيرة لعلي جواد الطاهر، واتذكر ان السفير الامريكي راجع الاتحاد في يوم ما من عام 1961 وطلب بضعة نسخ من كتاب الرصافي الذي سبق ان ارسله الاتحاد الى مكتبة واشنطن، كما احيا الاتحاد تقليدا بايفاد بعض ادبائه الى مختلف الاقطار الاوربية والعربية للتواصل مع الثقافة العالمية وابراز اسم الاتحاد، الى ان جاء شباط الاسود ليكتسح هذا الاتحاد ويرمي بالوجوه الخيرة من اعضائه في مجال التشرد والهرب من العراق كما ادى بقسم كبير منهم الى السجون والمنافي وتحول الاتحاد الى دائرة تجنيد، وقد تم اعادة الاتحاد عام 1968، واختير الجواهري رئيسا وشفيق الكمالي نائبا للرئيس وحميد سعيد سكرتيرا ثقافيا والفريد سمعان سكرتيرا اداريا وغانم الدباغ امينا للصندوق، الا ان الطابع المعرفي لم يكن بالمستوى الذي كان عليه في بداية التأسيس لان الووه التي اسسته قد رحلت وغادرت العراق ومن بينها د. خالد السلام وعلي الشوك ومجيد الراضي وجيان واسماء اخرى لا تحضرني الان. واختتم الفريد سمعان كلامه بالقول: المهم الان نحن نحمل هذه التركة ونعتز بوجودنا بين جدران هذا الاتحاد ونأمل ان نتواصل مع الفكر العراقي والثقافة الناضجة الحقيقية لكي نخدم مجتمعنا وشعبنا.اما الشاعر ابراهيم الخياط فقال: يمثل اليوبيل الذهبي للاتحاد بهجة الادباء العراقيين الحقيقيين بعودة الاتحاد اسما ومسمى الى اهله بعد ان اخذ رهينة بيد المكتب المهني السابق لاكثر من عقدين حتى نأى عن الاتحاد الادباء الحقيقيون، اما بالالتياذ بالمنافي او الصمت في الداخل والخارج او النشر المرمز في مطلوعات الداخل لاسيما ان سوادا لف العراق كله وليس الادب فقط عن طريق الحروب المجانية والحصارات العبثية والاحتلال والارهاب، فمن كل هذه المستنقعات والخرابات ينهض الاتحاد كالعنقاء ليستعيد اسمه ودوره ومكانته الوطنية، ثم ان الاتحاد من دون الاتحادات الاخرى يضم تاريخا عريقا يمثله شريط الاسماء الذي لاينتهي. واضاف ابراهيم حول الظروف الحالية للاتحاد: الكرة الان في ملعب الحكومة، فلا تتحقق الاهداف بالاماني بل بالمال وبالميزانية المرصودة، فالافق يظل غير مرئي مادامت الحكومة حاجرة ومحجرة عل الاموال المنقولة للاتحاد، وما دامت الحكومة تدس نفسها في كل صغيرة وكبيرة من شؤون منظمتنا وبقية المنظمات المهنية دون وجه حق، واذا ما عرفنا ان للادباء احلاما كاحلام العصافير، فليس بمستكثر عليهم ان تخصص لهم واحد بالمئة من الميزانية الاتحادية للثقافة تشملهم بالتأمين الصحي وتشملهم بتخفيضات تذاكر السفر ومساواتهم باشقائهم من ادباء كردستان ولا نقول اوربا، حيث الادباء الكرد يستلمون رواتب شهرية من نسبة الـ (17 %) التي تمنحها الحكومة المركزية لكردستان، وكذلك ليس بكثير ان تخصص الحكومة مطبعة للاتحاد من اجل تسهيل النشر للادباء عن طريق مؤسستهم الثقافية.وحول اجراء الانتخابات المقبلة قال ابراهيم: كانت الحكومة خلال السنتين الماضيتين تريد ان تشكل لجنة تحضيرية وتسلم الاتحاد لهذه اللجنة فرفضنا هذا جملة وتفصيلا، وكانت حجتنا ان اللجنة عليها ان تقوم بواجب الانتخابات لا غير، ثم نسلم للهيأة المنتخبة الجديدة، وهذا ما وافق عليه مجلس الوزراء في اجتماعه الاخير، وقد وضعنا لائحة باسماء اللجنة التحضيرية وقدمناها الى مجلس الوزراء ومنظمات المجتمع المدني وبدورها سوف تعرض الايماء على وزارة الامن الوطني وهيأة النزاهة واجتثاث البعث لبيان موقفهم من الارهاب والاختلاسات والبعث، واتوقع ان تجري الانتخابات خلال الصيف والتي ستشكل اكثر الانتخابات اثارة وسخونة.

قصتان قصيرتان : لـــ ماهر نصرت


الأنفجار
يا ألهي ! عاد الغروب ثانيةً ، وراحت الشمس تغرق من جديد في أفقها الأحمر وهي تُردد في سرها ( أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ) ... رحت ألملم أدوات رزقي من على حافة الرصيف مسرعاً يراودني إحساسٌ بالرهبةِ والخوفِ ، أُنادي ولدي بصوتٍ يائس أبحه جفاف متواصل في البيع وخسارة لا تتوقف في رأسِ مالي الهزيل .... - هيا يا رامي ، أدخل الميزان وصندوق الطماطم إلى المخزن ، هيا يا ولدي ، أسرع ، يرمقني رامي بنظرةِ امتعاض ويسحب كرسيه المُهترء ويرميه بعنف فوق صناديق الخُضار المحطمة . كان الباعة يتسابقون في رمي موادهم داخل مخازن صغيرة بُنيت جنباً إلى جنبٍ ... أخذت نبضات قلبي تتسارع بإيقاعٍ يسابق زحف الظلام يتملكني إحساس بالرهبة والخوف وكأن مكونات الطبيعة من حولي تشترك في عزفِ تلك السيمفونية المرعبة ، أكملنا على عجل طقوس الأقفال وراح ذلك الإحساس يقشّعر له جلدي ، أنه هو ، نعم هو ، نفس الأحساس الذي لازمني منذ يومين قبل أن ينفجر محل أبو وميض ... صرخت وأنا أرتجف ، هيا يا ولدي أركض .. هيا أسرع .. لنبتعد من هنا قبل أن نموت نحن أيضاً .. لا تلتفت ورائك