الصفحات

بعقوبيون : هشاشة الواقع الثقافي في ديالى :بقلم الكاتب صلاح زنكنة


لا يختلف اثنان في إن الواقع الثقافي في محافظتنا العزيزة يمر بأزمة خانقة جراء ما تعرضت له المحافظة من دمار وخراب على مدى عامين وهيمنة الجماعات المسلحة و الإرهابية التي بطشت بأبناء المدينة وقتلت عشرات الآلاف من المواطنين الأبرياء نساء ورجالا وأطفالا شيبا وشبابا , وهجرت ألاف مؤلفة من العوائل الآمنة وفجرت البيوت وحرقت البساتين وخربت المؤسسات الحكومية وغير الحكومية ونهبت وسلبت الأموال والأثاث والمعدات والأجهزة والسيارات وهلم جرا , وقد طالت هذه العمليات الإجرامية عددا كبيرا من الأدباء والمثقفين والإعلاميين وذوي الكفاءات من أطباء ومهندسين وعلماء
وأساتذة جامعات فضلا عن الطلبة والكسبة ومن المعوقين والمكفوفين وأقفلت الكليات والمعاهد والمدارس ودوائر الدولة أبوابها وأوصدت الأسواق والمحال التجارية وخلت الشوارع من المارة والسيارات حتى تحولت بعقوبة الجميلة الأنيقة إلى مدينة أشباح وعفاريت بل مدينة أموات تراكمت فيها النفايات والازبال والأنقاض والجثث الآدمية المتعفنة المتناثرة هنا وهناك على قارعات الطرق تنهشها الكلاب السائبة . ضمن هذا المشهد المأساوي الدموي ألغرائبي خبا وهج الثقافة وانطفأت شعلة الكلمة وتوارى الق الجمال وتوقفت تماما جميع الأنشطة الثقافية والفنية والإعلامية , وغادر الأدباء والمثقفون والصحفيون المدينة إلى بغداد والمحافظات الأخرى ودول الجوار خلاصا من موت مجهول يتربصهم في كل حين , بعد إن حصد أرواح العشرات منهم قربانا للعراق . وبعيد استتباب الأمن والأمان في محافظة ديالى وعودة الحياة إلى ربوعها منذ أكثر من سنتين إلا إن حال الثقافة والمثقفين بقي على ما هو عليه فنادرا ما يقام نشاط ثقافي خجول هنا او هناك دون دعم أو رعاية أو مؤازرة حقيقية من لدن الساسة والمسؤولين الحكوميين في الإدارة المحلية في المحافظة والذين يعدون الثقافة ترفا فكريا لا جدوى ولا نفع منها . وقد حاولنا مرارا وتكرارا في اتحاد الأدباء إن نعيد أنشطتنا الثقافية الأسبوعية إلا إننا لم نفلح في ذلك علما بأننا وضمن إمكانياتنا المحدودة أقمنا مهرجانيين شعريين وحفلا تأبينيا للشاعر الشهيد خالد السعدي إما على صعيد الفن التشكيلي فلم يجرؤ أي من الفنانين بعرض لوحاته في معرض شخصي أو جماعي سوى معرض يتيم واحد أقامه الفنان عبد المنعم الحيالي في الهواء الطلق على ضفاف نهر خريسان , إما الحركة المسرحية فتكاد تكون مشلولة تماما فخلال هذه السنوات العجاف لم تعرض سوى مسرحية أو مسرحيتين دون جمهور حقيقي . ولا وجود لفرقة موسيقية واحدة لإقامة حفل موسيقي متميز . وتوقفت الصحف المحلية عن الإصدار , جميع هذه المعطيات تشير بوضوح إلى هشاشة و هزالة الواقع الثقافي الذي بان عليه الصدأ مما جعل الكثير من المثقفين إن يشعر بالإحباط والخيبة والنكوص جراء هذا الواقع المتردي وإهمال المؤسسات الثقافية وتهميشها بقصد أو دون قصد , وكلنا يدرك ما أهمية دور الثقافة والمثقفين في بناء صرح الحضارة المدنية عبر العصور والأزمان