الصفحات

محي الدين زنكنه / صدمة الرحيل هادي الربيعي

 احيانا ً أسأل نفسي ما هذا الصمت وأنت ترى اقرب اصدقائك وهم يرحلون عن هذا العالم ؟ قد لا اجد جوابا ، ولكنني في كل الأحوال منهمك في التحديق في الخسارات الفادحة التي عشتها وأنا اودع الراحلين واحدا بعد الآخر وكأنني لا أجد متسعا م الوقت لأمسك القلم ، فما ان افعل ذلك حتى يهوي نجم آ خر ويتوارى في البعيد . عرفت محي الدين زنكنه وهو في بداية حياته الإبداعية ، عرفته مدرسا في ثانوية بعقوبة وكن معا نبدأ تجاربنا الإبداعية وكان معنا صباح الأنباري الذي يعتبر الأقرب الى تجربة محي الدين زنكنه وحسين الجليلي الذي اصدر مجموعتين قصصيتين اذكر منهما رسائل من الهوروسالم الزيدي الفنان الذي لعب دورا هاما في المسرح على مستوى مدينة بعقوبة وآخرون شقوا طرقهم الخاصة في بناء تجاربهم الخاصة وكنا أنا وصباح الأنباري أول من كتب عن محي الدين زنكنه في العدد الثاني من مجلة الثقافة التي كان يصدرها استاذنا الراحل صلاح خالص . اذكر اننا كنا نتسلل ليلا الى ثانوية بعقوبة وكان معه مفتاح
الغرفة التي تحتوي على الطابعة فاطبع له ما استطيع من صفحات اولى مسرحياته واعتقد انها كانت مسرحية الجراد ، وكان ذلك يستغرق وقتا طويلا لأنني لم أكن امتلك مهارة كبيرة في الطباعة ومع ذلك انجزنا المسرحية باقل الأخطاء كتب محي الدي زنكنه الرواية والقصة القصيرة والمسرحية ولكنه كان ذكيا في كيفية اثبات حضوره في الساحة الابداعية ، قال لي ذات يوم ما اكثر من يكتب الرواية في العراق وما اكثر من يكتب القصة القصيرة وما اقل كتاب المسرح لدينا ، وكان مصيبا حين ركز على المسرح فحين يقدم مسرحية الى دار الشؤون الثقافية في العراق سرعان ما تطبع دون تأخير لقلة النصوص المسرحية وكان هذا التوجه سببا لأن يكون محي الدين زنكنه واحدا من كتاب المسرح المعدودين في العراق وحاز على جوائز عديدة يستحقها فعلا وعُرضت مسرحياته في العديد من البلدان العربية محي الدين زنكنه هو ابن الشمال الذي عاش غريبا بيننا في بعقوبة رغم العلاقة الوثيقة التي تربطنا به خاصة انا وصباح الأنباري وحسين الجليل ، وحين نكتب لقبه ( زنكنه ) يحرص على تصحيح كتابة الأسم فنكتبه كما يريد ( زه نكه نه ) ليحتفظ بالإيقاع الكردي للاسم واحيانا قد يصحح الأسم بيده ، وكنا نخشى غضبه لذلك نحرص على كتابة اللقب بما لا يثير غيظه قد يعتقد البعض ان محي الدين زنكنه كان شيوعيا ، والحقيقة انني لا اعتقد ذلك رغم انه كان يحمل افكارا يسارية معتدلة ، كان متزنا طوال حياته ولا اعرف انحيازه لأي حزب او كتلة سياسية بما يتعارض مع مبادئه القديمة التي ظل محافظا عليها طوال حياته وحتى يوم رحيله رحمه الله كان محي الدين زنكنه قليل الأسفار ، حدثني عن احدى سفراته لأحدى الدول الغربية حيث كان جالسا في بهو احد الفنادق لحجز غرفة يقول محي الدين زنكنه : ( تذكرت هوية اتحاد الأدباء التي كنت احملها في جيبي فقلت اقدمها للمسؤولين في الفندق لعلهم هنا يحترمون الكاتب ) وما ان أمسك المسؤول هويتي حتى حدق في عيني طويلا وطلب مني الجلوس وبدأ يطلب رقما في الهاتف ، فشعرت بالهلع لطريقة تعامل مسؤول الفندق بهذه الطريقة ، حاولت ان انهض لأستفسر فأشار لي بالجلوس من بعيد ، وبدأت الهواجس تعمل بشكل ذكرني بكل كوابيس العراق ، هل ارتكبت جريمة دون ان اعلم ) ويكمل محي الدين الحادثة بوصول وفد من اتحاد ادباء ذلك البلد والترحيب به بشكل خاص حيث حملوا حقائبه ونقلوه الى مكان خاص اضافة ال تخصيص مترجمه خاصة لمرافقته طوال اقامته في ذلك البلد وعندها فقط عرف قيمة هوية اتحاد الأدباء في الخارج رغم انها في العراق حتى الآن بدون اية قيمة تُذكر .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق