كلما مر بي أو مررت به لسبب ما, يذكرني شاعر اسبانيا الكبير فيدريركو غارسيا لوركا في بعض من مفاصل شخصيته الرئيسية بالشاعر العراقي خليل المعاضيدي, الذي غيبته الاجهزة القمعية, قبل أكثر من ربع قرن من الآن. فكلاهما غادرا الحياة رغما عنه وهما في منتصف الثلاثينات من عمرهما, وكلاهما كتبا ضد الفاشية الحاكمة, وكلاهما انتميا الى جبهة اليسار رغم اختلاف التسميات, وكلاهما قارعا ديكتاتورية الحكم والحاكم بأدوات ووسائل بعيدة كل البعد عن عقلية المراوغة والتستر أو المناورة, فأساليب التعبير عندهما كانت معلنة وواضحة ولا تقبل التأويل ولم تثنيهما عن ذلك او تحد من اندفاعهما أو حماستهما, سياسة البطش والقسوة التي اتبعت وقتذاك, فكانا من الشجاعة ما لايمكن لأي متابع أو مراقب, نكرانها أو التغاضي عنها, بأي شكل من الاشكال.
الصفحات
▼
بعقوبة...وبعض من شخوصها الشعبية 2 بقلم احمد احمد السيد علي
وفاء لهذه المدينة الوديعة سأ َكْمِلْ بعضا أخرا من شخوصِها الذين حفروا في الذاكرة الجمعية للمدينة شئ من بهاءِها:
11ـ عباس ياسة{أبو الياي أو اليوي}... هذا الرجل من أبناء بعقوبة البسطاء والفقراء، وكان له ربل {عربانة }، وكانت كلمته المشهورة وهو فوق عربته هي صيحته المعهودة ...يوي يوي...، وفي أوائل الثمانينيات من القرن الفائت من الألفية الفائتة كان متعهدا بجلب الطعام لسجناء مركز شرطة بعقوبة ومديرية الامن وكنت انا ومجموعة من أبناء المدينة رهن الاعتقال لمدة تزيدعن عشرة أشهر في مديرية الامن، وكان عباس يأتي لنا بطعام ليته بطعام، فكانت البامية تسبح ببحر من المرقة التي هي ليست حمراء ولا بيضاء بالطبع، وبعد احتجاجات كثيرة على عباس ياس، ألغوا التعهد معه...أتمنى لكم وجبة طعام شهية من طبخ عباس ياسة.