ووقفت على بابها الحميم, لأقيس ارتفاع
الدمع في جزرة نهرها المعلول فلطالما
شيعتني هذه الثكلى الطروب – التي أسميتها
مدينتي وسمّـتني جوابّها المقيم – شيعتني فوق مشابك
عرباتها الأجيرة نعشا مزدهرا بالألوان
المستطيلة,,
وألفا كان تابوتي يطوف صدر ثكلاي
المرمية على شفا النهر المسافر في تابوته
المديد, ولمرأى قفا هودجي ما شبكتُ
عشري على رأسي أمام راهب النهر لأن
يديّ – أمس ِ – قريرتين نامتا في سهرة
الارض الحرام,,
ولم أبك عليّ ،
ولكن كم بكت عليّ ،،
بكتني حتى شح نهرها الكريم , ومثل المؤدب
” زوربا ” تتباهى برقصها الأسود لي فتهربُ
قلاعي من بين البيادق المكفوفة
واحدة.. واحدة .. إلى خانة النهر, أو حانة
النهر,,
وفي كل طوافٍ ، كنت أرمم تصدع برج الدمع
الذي مثل النوى صار صيفا نائما وتصحو
على سطوحه نسائم الاحزان ,,
وفي كل طوافٍ ، كنت آتيها من البارود
المُرهِب بوشيج ٍ يقين ,,
وفي كل طوافٍ ، كان النهر الرديف يخلع على
جنازتي اليومية عباءة من آسه, وغيمة من
شجاه,,
وفي كل طوافٍ ، كانت هذه الغيور – التي
أسميتها ” قتول ” وسمّـتني قتيلها الغيران –
تـُحكم الابواب عليّ وتدعني ألوب كما السكـّر
المعتقل في سراي الدم ولأني مذاب فيها فلم
تقل لي يوما:
-هيتَ لك ،،
وكم بكت عليّ ؟
بكتني هذه الرحيمة – التي أسميتها جمرة
المنتهى وسمّـتني غضاها – حتى تمنت مقلة
أخرى وحربا مُضافة كي تشيعني بها وتبكي
, تشيعني وتبكي وعسى أن تطرد الدموعُ
اليبابَ ,,
وضمتني هذه الميضأة – التي أسميتها مثواي
وسمّـتني نزيلها اللايؤوب – ضمتني الى شبابيكها
الشاتية بلبلاً مأثوما برفيفه المترنح,,
والى فوانيسها الشاكية سراجا يختال بفتيل ما
فاضَ من النواح وما شحّ من الزيت أو من
الماء الذي خاصم نهرَها, نهرَ التي أسميتها
بضعتي وفي اجتماع شقائق النعمان سمّـتني
الشقيق الأحمر.