ثلثين الولد عالخال

 

 

العقيد المهندس المتقاعد

خليل الربيعي
  

في بداية القرن الماضي برز رجل اشتهر بالشجاعة والذكاء  والدهاء والمكر في قرية زهيرات التابعة لناحية ابي صيدا في قضاء المقدادية لمحافظة ديالى يدعى ( موزر الربيعي ) وانه في الحقيقة كردي الاصل ينتمي الى عشيرة ( السوره ميرية ) وانظموا الى عشيرة الربيعة العربية ( جراشة وتحالف )  ولذلك لقبوا بالربيعة ومن ابرز رجال عشيرته المعروفين في ديالى (ابراهيم العبدكة , ومحمد العباس , وخليل المامي , وحسين الشمام , المرحوم الشيخ محمود علي حسين جواد الربيعي , والحاج عكال الربيعي و عزيز الحاجم , و حسين محمد الحبيب و

 

محمد الحاج طاهر والحاج فرار الربيعي ) وقد اشتهر بمواقفه الشجاعة في الدفاع عن المظلومين من العامة وابناء عشيرته الخاصة , و بعد تعرض مجموعة من ابناء عشيرته الى القتل من قبل عشيرة اخرى . وقيل ان السلطات الحكومية لم تستطع القاء القبض عليه لشدة مكره ودهائه في التملص من الشرطة وعمليات المداهمة والتحري عنه وكان يستغل البساتين وبيوت اقاربه في القرى المجاورة للاختباء فيها . ولقد روى لي والدي حادثتين مشهورتين في محاولة القاء القبض عليه . الاولى : كان مختبأ في بستان احد اقاربه في قرية ( ابو كرمة ) وقد داهمت الشرطة في اربع سيارات ( مسلحة ) وطوقت البستان وكان حينها يقوم بالفلاحة ويمسك بيده ( المسحاة ) وهي الة الحرث , فنادى احد اقاربه وقال له امسك ( المسحاة ) وتناول البندقية ( الانكليزية ) وفيها (5) طلقات وسدد على الشرطة وقتل (4) منهم وكانت الطلقة الخامسة (  فاسدة ) . وفر من البستان الى جهة اخرى , وحينها لم تتمكن الشرطة من القاء القبض عليه . والحادثة الثانية : كان مختبأ في نفس القرية وجالس في في احد المقاهي المطلة على جدول صغير في القرية وتفاجأ في تطويق القرية من قبل قوات كبيرة من الشرطة , فقفز بطريقة لم يشعر بها احد واختبأ تحت قنطرة صغيرة على الجدول وبقي تحتها ما يقارب (4) ساعات واقفا على قدميه في الماء  البارد الجاري في شتاء قارص . وبعد انسحاب قوات الشرطة من القرية واعتقال قسم من اقربائه للتحقيق معهم حول مكان اختبائه والذين كانوا يتعرضون لشتى انواع التعذيب ولم يعترفوا عن مكانه. خرج من تحت القنطرة وقد فقد فردة من حذائه وقال لاحد اقاربه تعال وانزل الى النهر وابحث عن حذائي وكانت من القماش وتسمى ( كيوة ) كان قد جلبها معه من قرية ( الشيخ بابا ) في ناحية جلولاء عندما كان مختبا عند احد اصدقائه من الاكراد فيها ؟ لقد عاش موزر الربيعي ردحا من الزمن ولم يصاب او يعتقل . وادخل مستشفى مدينة الطب لمرضه في الثمانينات من القرن الماضي , وقابله الرئيس صدام حسين عند زيارته المستشفى صدفة وعرفه ومازحه قائلا ( بعد بيك تكاون ابو غظنفر) واهداه بندقية قديمة من نوع  ( موزر ) وهي المانية الصنع . وقد توفى رحمه الله على فراشه , وقيل انه قتل اكثر من ( 100) شخص من اعدائه ولم يعد مطلوبا لاحد  .

 

 

وقد ترك بعده اولاد لم يظهر لهم اي دور متميز في العشيرة وكان اكبرهم ( غظنفر ) . ولكن الملفت للنظر ان ابن شقيقته ويدعى ( راضي ) كان قد ورث الدهاء والمكر والشجاعة من خاله بالفطرة وكما يقولون ( ثلثين الولد عالخال ) و كان اغلب افراد العشيرة من المعارضين للنظام السابق بسبب اعدام قسم منهم وهروب القسم الاخر لانتمائم لحزب الدعوة الاسلامية ,  ومنهم ( حيدر صالح الربيعي  وعطا الربيعي من قرية خرنابات , و اعدام جاسم محمد مراد الربيعي من قرية ابو كرمة , واغتيال العقيد عدنان ابن الشيخ محمود علي حسين الربيعي من قرية ذيابة ) وكان راضي هاربا من الخدمة العسكرية ومختبا في بساتين قرية زهيرات المشهورة بالبرتقال . وقد روى لي العميد الركن امر فوج طوارئ ديالى قبل سقوط النظام وفي فترة التسعينات انه كلف مباشرة من قبل محافظ ديالى بالقاء القبض عليه وتم تحديد مكانه من قبل احد المخبرين السريين ومن اعدائه . حيث تم مداهمة المكان مرات عديدة ولم يستطيعوا القاء القبض عليه , وبعد فترة طويلة ومحاولات اخرى وبتوجيه من جهات عليا تم القاء القبض عليه باستخدام خطة قام بها العميد الركن  باستخدام احد اصدقائه الذي يعمل جندي في فوج الطوارئ و استدراجه وتحديد مكان نومه ؟ والطريف في الموضوع ما حدثني به العميد الركن عن ( راضي الربيعي ) , يقول لقد سالته بعد اعتقاله وجلبه الى مقر الفوج ( كنا نعلم مكان تواجدك في القرية ومتأكدين منه وعندما نذهب لاعتقالك لم نعثر عليك , اين كنت تختبأ بالضبط ؟ ) فقال ( كنت اعلم بقدومكم لاعتقالي ومن الذي اخبركم بمكاني فاقوم باقتحام بيت الذي قام بالاخبار عني واجمع كافة افراد عائلته في غرفة واحدة واقفلها عليهم واهددهم بالقتل اذا حاولو الصراخ ولحين انجلاء الموقف وانسحاب القوات العسكرية من المنطقة لانني اعلم انكم لا تفتشوا بيت المخبر وبيوت اعدائي ) فيــا لك من دهاء ومكر وحيلة  .

 

و صدق المثل القائل  ( ثلثين الولد عالخال ) .