في حوار خاص لبعقوبيون: القاص صلاح زنكنة يتكلم بصراحة مع ضياء السيد كامل

أنا مع ثقافة المواطنة لا مع الخطاب الثقافي المؤدلج
انني انسان عراقي كردي أؤمن بأن الوطن يتسع للجميع
الأدباء العرب ينظرون بريبة وهناك شيء من الحسد للمثقف العراقي
قاص له بصمته الإبداعية وأسلوبه الخاص في كتابته للقصة القصيرة وفي تناوله للمواضيع الاجتماعية والسياسية في العراق فلا تخلو قصة من قصصه من هم من هموم الانس الفقراء وظلم سياسة النظام الشوفيني المقبور تجاه ابناء جلدته ، ولانه كردي فقد كانت هموم الشعب الكردي ونضاله تؤرقه وحملها امانة في قلبه ، كل الذين يعرفونه يعلمون جيدا كم كان مشاكسا للنظام البائد رافضا له ولسياسته وعلى اثر كتاباته ورفضه اعتقل اكثر مرة في مديرية امن ديالى الا ان الحظ او القدر السعيد انقذه من براثن الجلادين مرة تلو الاخرى وبعد سقوط الصنم لم ينقطع عن ممارسة دوره الثقافي والإبداعي، وعلى الرغم من انه يجيد اللغة الكردية الا ان كتاباته باللغة العربية، وهو الآن رئيس اتحاد ادباء ديالى، انه القاص صلاح زنكنة تولد مدينة جلولاء 1959 ، عضو المكتب التنفيذي لمنتدى الشباب 1992-1994 . وشغل منصب رئيس منتدى الادباء الشباب 1990- 1994 . عضو المجلس المركزي لاتحاد الادباء العراقيين 1996- 1998 . رئيس اتحاد الادباء فرع ديالى لدورتين متتاليتين ولحد الآن. قام بنشر كتاباته في معظم الصحف والمجلات العراقية والعربية، عمل محررا للصفحة الثقافية في جريدة الانباء لعامين 2005-2006 . عمل محررا في ملحق جريدة القصة التي تصدر عن اتحاد الادباء العراقيين. عمل مديرا لمكتب قناة دجلة الفضائية في ديالى. شارك في المؤتمرات الثقافية والملتقيات الادبية وجميع ملتقيات القصة داخل العراق. اما حصته من الجوائز، فقد نال جائزة مؤسسة الصدى الاماراتية عن مجموعته القصصية (ثمة حلم ثمة حمى )عام 2002 . اصدر المجموعات القصصية الآتية (كائنات صغيرة ، صوب سماء الاحلام ، ثمة حلم ثمة حمى ، الصمت والصدى ، كائنات الاحلام ) .ولأنه عضو المجلس المركزي في الاتحاد العام للادباء والكتاب في العراق فهو دائب الحضور والمشاركة في الاصبوحات الثقافية والمهرجانات والملتقيات الادبية فأغتنما الفرصة لمحاورته فكان لنا هذا الحوار معه.
* كيف ترى واقع الثقافة العراقية الآن؟ - الثقافة العراقية تمر الآن بأزمات وعقبات ومخاضات كثيرة لكون الواقع السياسي واقعا مرتبكا فيه من الشد والجذب الكثير، ونتيجة الوضع الامني وصل الى حد التوتر والتناحر الذي خلف الاف الضحايا والشهداء والمشردين والمهرجين والايتام والارامل بلا شك هذا ثمن باهض للمثقف العراقي وبسبب التفاعل مع هذا الواقع يكون في مثل هكذا ظروف سوف يعاني المثقف، ولا يعيش في وضع مستقر إذ يؤثر سلبا على الابداع الذي ينتج من هذا المثقف من هذا المنطلق، نحن ننتظر ونأمل من الخيرين بوصول العراق الى ضفاف الامان والحرية والاستقرار. * بعد التغير الشامل الذي حصل في العراق لاسيما الدولة التي تحاول ارساء ثقافة جديدة بدلا من ثقافة النظام الشمولي، كيف تنظر لثقافة الدولة الجديدة، وهل هناك صراع مع ثقافة الشارع ؟
- لا أتصور هناك ثقافة دولة بل كانت ثقافة سلطة متسلطة وسلطوية جائرة ذهبت إلى مزبلة التاريخ ، اما الآن فنحن مع ثقافة المجتمع، الدولة عبارة عن مؤسسات وفي ضمن هذه المؤسسات الثقافية التي تساعد في بناء الدولة الحديثة، اما الخطاب الثقافي المؤدلج فهذا بلا شك كارثة ووبال على المجتمع، كما ان الثقافة يضعها اهل الثقافة الذين يعملون ليلا نهارا يقرؤون -يفكرون - يكتبون- ينظرون- ينتجون.أولئك الذين يحاولون ايصال دمعة ام شهقة طفل الى ابعد مدى، هؤلاء هم المثقفون الحقيقون الذين ينظرون دائما الى المستقبل بأفق رحب وواسع بعيون ممتلئة بالصفاء والنقاء والامل .
* انتم جيل ولد في عدة حروب وعاصرتم ادب الحرب، الى اي مدى كانت تجربتكم ناجحة، وهل أثبتم وجودكم في خوضكم تلك الصراعات ؟ - لا توجد تجربة ناجحة او فاشلة، نحن ابناء المحنة - نحن ابناء الكوارث والموت- وأتصور ان هذا الجيل هو اكثر جيلا يعاني من الامراض النفسية، جيل اكثر انسجاما، وهو جيل اصيب بعوق نفسي، بلا شك استطاع هذا الجيل ان يؤسس ويؤرخ لهذه المرحلة ، هناك فرق بين ادب الحرب وقصائد الحرب والادب الحماسي الذي كتب، وهو لا يحسب على الادب ابداً ، حيث كان عبارة عن فوج اعلامي هم كانوا يساعدون في دفع عجلة الحرب الكارثية الى الامام، وهم يمجدون الدم فهؤلاء لا يحسبون، اما أولئك الذين كتبوا عن معاناة الانسان في محنته وضياعه هؤلاء هم الذين يحسبون على هذا الجيل، وانا اشعر بأن تجربتنا عميقة ومؤلمة وقاسية وانسانية هذا الجيل الذي يسمى احيانا (الجيل الثمانيني) لهم بصمتهم الخاصة في جسد الادب العراقي. * باعتبارك احد القصاصين البارزين، كيف ترى واقع القصة القصيرة في العراق؟
- القصة حالها بقية صنوف الادب، فلها أسماؤها التي استطاعت ان ترسخ وتترك بصمتها، خذ مثلا في جيل الثمانينات كان هناك اكثر من خمسين قاصا الا ان الواقع القصصي لم يترك او يعترف الا بخمسة فقط لا يزالون يبدعون ويكتبون في الساحة الثقافية. * كيف ترى مشاركة وفوز العديد من الادباء العراقيين في مسابقات عربية كبيرة ومهمة؟
- ليس جديدا او غريبا على الادباء العراقيين، فهم دائما يقطعون المسافات ويتجاوزون الاسوار بنصوصهم الى مؤسسات وبلدان اخرى ليثبتوا وجودهم لأن نتاجاتهم رائعة وراقية وحقيقية، فهو بالمحصلة نتاج عراقي اصيل ومهم وذو ملامح وطنية وانسانية ويحمل ملامح الابداع الحقيقي، لهذا ترى في اية مسابقة عربية ان العراقيين يحصدون معظم الجوائز. * هل تعتقد ان الاديب العراقي محارب ومحاصر عربيا؟
- هناك حساسية من الادب العراقي ومن الانسان العراقي، ومن وطنية الانسان العراقي من قبل العرب، العرب ينظرون بريبة، وهناك شيء من الحسد والغيرة كون العراق بلد الحضارات، بلدا تمتد جذوره الى اول التاريخ الانساني، والعراقي كان دائما متقدما وهناك امثلة كثيرة لاتحصى على ما اقول سياسيا واجتماعيا وثقافيا، وهو متقدم على دول عربية كثيرة، وللأسف الشديد نظرة الحسد هذه، واعتقد ان الانسان العراقي اكبر من كل المسميات (العروبة- والوطن العربي- والقومية العربية... الخ) من المسميات، العراقيون انسانيون اكثر مما هم طائفيون او قوميون . * ألا ترى ان المبدع العراقي بحاجة إلى مؤسسات لتصدير ابداعه ونتاجه الادبي؟
- نحن بحاجة الى مؤسسات كثيرة لأننا ما زلنا نفكر بطريقة قبلية قديمة، وما زلنا نحمل ارثا حزبويا او عشائريا بطريقة (انصر اخاك ظالما او مظلوما) للاسف الشديد فنحن اذ نستطيع ان نرسخ ثقافة اخرى، معاناة نعم نحن بحاجة الى مثل هذه المؤسسات كي تخرج من هذه التشرذمات التي تحدث لإيصال المنجز الابداعي العراقي.