ان العولمة ومشروع تغيير الشرق الاوسط مستمر واعادة تشكيله سياسيا واعادة هيكلة جغرافيا الدول ايضا مستمرة بتهيئة الثقافة المجتمعية لفكر تغرب جديد. ان الدكتاتوريات التي كان ولازال بعضها سائدا بالشرق الاوسط كان من المستحيل مواجهتها بواسطة حركات التنظيم الحزبية التقليدية المتعارف عليها في دول العالم المتحضرة وذلك لوجود القمع الحكومي الشديد من قبل انظمة الحزب الواحد في اغلب الدول الشرقمتوسطية. لذا قامت امريكا بمكر شديد بالتغيير التدريجي باستخدام الفكر الاسلامي
كنواة للتغير تمهيدا لعصر سيطرة امريكي جديد على العالم ككل من خلال الشرق الاوسط لذا قامت امريكا بدعم عملية تشكيل الحركات الاسلامية التي
لا تحتاج الى مقرات حزبية وانما كل ما تحتاج اليه هو فقط التمويل المادي فقط. كما تم الاعتماد على الجهل والتطرفوالطائفية لتنشئة جيل جديد من الفتيان يحمل فكر اسلاميمشوه وتدريبهم ليصبحوا ذوي عصبية تماسك سلطوية غالبا يقودها الجهل والتطرف ويسهل السيطرة عليها وتحريكها عن بعد بواسطة عملاء المخابرات الامريكية، وهذا الجيل الجديد بفكره البسيط ورفضه للواقع اصبح يمثل البديل المناسب للتغيير بظل غياب تام للاحزاب التقليدية الفعالة وفشل معارضة المنافي التي اصبحت غريبة عن مجتمعاتها التي فارقتها لسنوات طويلة. تم استغلال الدول الخليجية لتوفير المقومات المادية لبناء الجوامع ونشر تعليم الفكر التكفيري الاسود ودعمه اعلاميا لاجل ان تكون هذه الحركات هي اساس التغيير في مرحلة سقوط صنميات الشرق الاوسط.
انشغل العرب بنهاية نظام صدام وحشدوا بغباء كل ما يمكن لغرض تدمير العراق الجديد ظنا منهم بان نشوء عراق ديمقراطي جديد هو الذي سيقضي على انظمتهم. لذا تحركوا وحشدوا باسم الجهاد الالاف من التكفيريين وقاموا بتمويل الارهاب والتفخيخ والتفجير لغرض تدمير العراق الديمقراطي ولم ينتبهوا بان ما فعلوه تم بمباركة امريكية وهو سلاح ذو حدين كان هدفهم تدمير العراق ولم ينتبهوا بان نمو هذا السلاح سيستغل من قبل امريكا لغرض انهاء انظمتهم الخرفة لاحقا. فشلوا في تدمير العراق حتى الان ويبدو ان الارهاب الذي ارسلوه للعراق توجه اليوم لمسك زمام الحكم بتسلط دموي لقهر الشعوب التي تحررت من نير الظلم والدكتاتورية في كل الدول العربية التي بدات بتغيير نظامها السياسي. ان الاسلام السياسي الذي يتبنى الافكار السوداوية تم تهيئته من قبل امريكا بمساعدة الانظمة العربية الغبية ليكون خليفة الدكتاتورية وسيتم تسقيطه او تشذيبه وتهذيبه وخلع اسنانه وتقليم اظافره لاحقا خلال فترة عقد من الزمان باستغلال تنامي الغضب الشعبي بسبب الفاسد العظيم وعجز الانتهازيين السلطويين المتسلقين عن يجاد الحلول الواقعية والعملية لمشاكل المجتمع اضافة الى ان موجات العولمة والتغرب عبر عالم النت بدات تشوه فكر الجيل الجديد وتدفع باتجاه تغربات عظيمة بعيدا عن الواقع الاجتماعي والديني للمجتمعات الشرقية وذلك وفقا لمخطط امريكي لا نعرف ما هي حلقاته الاخيرة حتى الان.
ان فكر العولمة او الامركة مستمرة واليوم يقوده جناحان: جناح التكفير الذي سيمزق القيم والافكار المجتمعية الموروثة والسائدة منذ عقود ولربما قرون من الزمان في كل دول الشرق الاوسط وثانيهما هو تنظيمات النت والتي وجدت فسحة كبيرة في فضاء عالم النت لحرية التعبير عن الراي. ان تنظيمات عالم النت اغلبها ليست عفوية التشكل(الفعالة في التاثير على الشباب) وانما تم تشكيلها وتفعيلها وتدريبها وتنشئتها اعلاميا من قبل انظمة مخابراتية عالمية تدفعها بالاتجاهات التي تروج لفكر الامركة. حيث يتم استغلال الفئة الشبابية في المجتمعات الشرقية لانها فئات المعاناة والازمات المستمرة والحرمان والمستقبل المجهول لذا بدات هذه التنظيمات الموجه امريكيا بالترويج لمختلف افكار التغرب والانحلال واستغلال هشاشة التماسك المجتمعي بين جيل الاباء والابناء بظل الازمات الاقتصادية والسياسية والاخلاقية والحرمان والجهل والتجهيل لغرض خلق فكر التناقض والانتفاضة ورفض الماضي وخلق فكر غريب عما كان يعيشه الانسان الشرقي ومن البديهي ان يكون التنظيم الثاني هو الاقل شجاعة في ساحة التاثير السلطوي ويركز دوره على الفوضى والتشويه غالبا لانه فكر شبحي باسماء مستعارة وشخوص وهمية (تنظيمات عالم النت) ولا تعرف بشكل صريح قياداته ولا مؤسسيه ولا منظميه وانما كل ما يعرف هو ما يصدر من فكر تشويه واباحية وما الي غير ذلك. ان القيادات الشبحية هي الاقل شجاعة في السيطرة على السلطة لكن وجودها يعتبر حاجة ماسة لاجل التغيير بخلقها الاجواء المناسبة للفوضى ولا يمكن انكار تاثيرذلك القوي على الجيل الشبابي الذي يعاني من الازدوج الفكري الكبير بسبب سيادة سلطة الجهل والتكفير وتراجع القيم والمباديء امام موجات التغرب والاباحية عبر عالم النت والاتصالات الحديثة.لذا راينا ان تاثير كبير لتنظيمات عالم النت في تحريك المظاهرات ضد الدكتاتورية لكنها هذه التنظيمات فشلت في الوصول للسلطة لضعف تنظيماتها على ارض الواقع والتعامل مع المجتمع عمليا. اضافة الى تسيد التنظيمات الاسلامية الدموية والتكفيرية الجاهلة وسيطرتها بتسلط دكتاتوري على الشارع الذي يفتقر بشدة الى الثقافة الديمقراطية ويمكن التلاعب بعوطفه بسهولة لغرض ان يضيع اصواته وحقوقه الديمقراطية لصالح السوء. ان الفكر الاسلامي التكفيري من المتوقع له ان يتراجع خلال عقدا من الزمان بسبب النمو الكبير للرفض الشعبي له ، اضافة الى تسلق الكثير من الانتهازيين على موجته والذين سينقلبون عليه حالما يجدوا الفرصة المناسبة لذلك، وبذلك سيتمهد دور اكبر فاكبر لتنظيمات النت المسالمة لغرض نشر فكر العولمة والعلمانية او الاسلام المعتدل ومن ثم السيطرة على السلطة في الشرق الاوسط.
ان سقوط بعض الانظمة الدكتاتورية اليوم سيتبعه بالتاكيد سقوط باقي الانظمة الدكتاتورية الاخرى تباعا حتى تلك الانظمة التي صفقت بالامس وتصفق اليوم دعما للتغيير هنا وهناك في محيطها وبعيدا عنها لمساعدة امريكا في اتمام مشروعها والذي احدى حلقاته الاجهاز على كل الانظمة السائدة في الشرق الاوسط منذ عقود طويلة. ان الانظمة الدكتاتورية رغم تناقضاتها واختلافاتها في الشرق الاوسط فقد كانت تمثل وحدة متكاملة وسقوط اي جزء منهاوتحرر اي شعب منها لا يعنيان باقي شعوب المنطقة ستتقبل البقاء تحت نير الدكتاتورية والظلم. لذا فان جميع الانظمة الدكتاتورية ستنهار تباعا لان منظومة السياسة والاقتصاد والاستقرار الامني وحدة واحدة مترابطة ومتماسك ولا يمكن ان تكون مستقلة عن بعضها البعض. لذا فان سقوط سوريا بالتاكيد سيكون بداية النهاية لنظام ال سعود الذي سينهار وتبدا الصراعات على السلطة بين امراء ال سعود وسيتبع ذلك صراعات وتشرذمات تؤدي الى تفكيك اقدم دولالمنطقة.
كما ان الاحداث خلال السنتين الاخريتين اشرت بروز تنافر تركي اسرائيلي مفاجيء ولكن يبدو ان ذلك ليس سوى كذبة وان اسرائيل وتركيا بينهم حلف خفي لقيادة الشرق الاوسط بعد انهيار سوريا وسقوط وتجزئة السعودية، وقد يكون هناك ابو رغال سعوديجاهز ويتنظر دوره ليساعد على اتمام هذا المشروع. كما ان ايران بدات تتوجه صوب العلمانية والقومية اكثر فاكثر مع بداية افول نجم الاسلاميين في داخل ايران. ان تراجع التيارات الاسلامية في ايران وظهور العلمانية مرة ثانية بقوة في ايران سيكون في مصلحة المكون الشيعي في كل دول المنطقة وذلك لان تغير نظام الحكم في ايران سيغير استراتيجيات امريكا وسيقلب الوضع الى صورة جديدة ويبدوا ان امريكا تعد العدة لذلك. ان الانظمة العربية الشرق اوسطية وعدائها الطائفي للمكون الشيعي اصبح ثقافة اجتماعية بحيث تم تناسي القضية المركزية بالشرق الاوسط وهي الصراع مع اسرائيل وكلنا لاحظنا كيف ان الكثير من الدول العربية ناصرت اسرئيل في حرب تموز عام 2006 ضد حزب الله ، ولازال الكثيرين اليوم يهتفون بطائفية شديدة ضد حسن نصرالله تقربا من اسرئيل وامريكا وكأن حزب الله وحسن نصرالله هما العدو وليست اسرائيل الغاصبة للحقوق العربية منذ اكثر من نصف قرن. وبذلك نشا بوادر الفكر الجديد وهو الصلح والتطبيع مع اسرئيل والعداء مع الشيعة ومن يناصرهم. هذه هي تناقضات السياسة في الشرق الاوسط حيث نلاحظ تناقض الرؤى وتناقض المصالح ولكن يبقى الانسان الشرقمتوسطي في صرع مع ذاته ومع جيرانه لصالح امريكا واسرائيل الى ان يتم تقبل اسرئيل كجزء شرقمتوسطي فعال.
قلنا كلمة وبقيت كلمات وقلنا راي وننتظر اراء قلنا ما نعتقد ولا نجزم به ولكنه راي يتقبل الصحة والخطا وستمر الايام وتثبت ما تثبت منه وقد تنفيه كليا. ولكننا هنا نستفز الرؤى لتدخل في ساحة الحوار بنقاش يكشف ويبين ويستقري ولعلنا نصل الى استبصار سليم للمستقبل ولنعرف اين نضع حروفنا بايجابية لغرض خدمة اجيالنا وايقاد مصابيح تنير لهم الطريق الى المستقبل.
أتسائل لماذا لا ترون عدوا لكم الا السعودية..
ردحذف