ذاكرة المدينة .. صيدليات بعقوبة بقلم ابو عزت

في مدينة كانت تحيط بها البساتين من كل جانب وبيوت شرقية مفتوحة دواخلها الى السماء وشجرة توت او برتقال تملأ داخل البيت بظلالها مع حوض ماء وارضية من الطابوق ((الفرشي )) يملأ اديم الارض وشمس ساطعة كل النهار . كان المرض ضيفاً غير مرغوب فيه وهو قليل الزيارة للناس لان ما يأكلوه طبيعي وغير معدل وراثياً واسمدته طبيعية ,قد يحتاج الناس الى بعض الطب البدائي الذي قد يجدوه عن المختصين امثال الملا سلمان والحاج كريم رحمهم الله , ملا سلمان كانت وصفاته خير معين لاهل القرى ولبعض من اهل المدينة وكان محله يقع مقابل محل علاوي الخشالي رحمه الله الان ويعاونه في محله عبد الرزاق العبيدي صاحب مكتبة الوطن العربي حالياً مجاور حسينية السيد المدني حالياً وتمر السنين وتطور الحال وتظهر الصيدليات , في الجانب الايمن من المدينة وبالقرب من العيادة الشعبية حالياً كان سوق بعقوبة الرئيسي هناك وكانت صيدلية الأمل التي يديرها المرحوم عبد الوهاب الدباغ وعلى مبعدة منها صيدلية الانصاف التي يديرها
الصيدلي ابو فؤاد ( حبيب ) وهو من الطائفة الموسوية يعاونه فيها قريب له يسمى يوسف واخر من ابناء المدينة يدعى بلال وبعد ترحيلهم خارج العراق بداية الخمسينات اشترى الصيدلية المرحوم هادي السعيد والد الاستاذ والممثل محمد علي هادي السعيد احد مؤسسي فرقة 14 تموز للتمثيل وقد عمل فيها الصيدلي اكرم عبد الحميد توفيق بمرتب قدره ( 90 ) ديناراً وهو مبلغ ضخم حينها ثم ادارها بعده الصيدلي احمد صميم اما اكرم عبد الحميد فقد افتتح صيدلية خاصة به ضمن دكاكين اوقاف بعقوبة مجاور جامع بعقوبة الكبير الذي تم ازالته في ستينات القرن الماضي اثناء تعديل مجرى نهر خريسان وكان الى جانبه ستوري الكببجي ومحمود شفيق و الحاج عباس البياتي والد الاستاذ عقيل البياتي وبعدها هاجر اكرم الى استراليا واستقر هناك علماً ان صيدليته كانت بأسم (صيدلية التوفيق) نسبة الى جده توفيق وفي الجانب الاخر من النهر كانت هناك صيدلية جديدة مجاور جامع الشابندر في محل تأجير الجوادر والكراسي حالياً وقد ادارها شقيقان من اهل الموصل احدهما يدعى فؤاد ثم تم بيعها ليشتريها الصيدلي احمد صميم الذي باعها بعد فترة وانتقل الى بغداد وبعد فترة افتتحت صيدلية الشفاء لصاحبها طارق عبد القادر غائب قرب مطعم العافية حالياً وعلى مبعدة امتار اعيد افتتاح صيدلية الانصاف وهذه المرة المرحوم عبد الحميد الصالحي وولده واجد عبد الحميد . كانت وزراة الصحة تشرف على الادوية وكان في كل صيدلية ركن مصبوغ باللون الاحمر ومكتوب عليه سموم وهذا يستعمل في وصفات محضرة يدوياً وتكتب هذه الوصفات في سجل يفتش شهرياً من قبل وزراة الصحة لمعرفة الجهة والاسم الذي صرفت بموجبه الوصفة , كانت الصيدليات تقوم بواجب الخفارة يومياً طيلة الليل وهي بالدور اي كل يوم على صيدلية ويوضع مصباح احمر قرب يافطة الصيدلية ويضاء ليلاً كدليل على يوم الخفارة اما الادوية فكانت من مناشىء عالمية وهي مسعرة بالطبع فمنها الامريكي ( بارك ديفيد وابجون و فايرز ) وهذه ضمن وكالة شركة المحمود للادوية الامريكية وكانت هناك سيبا السويسرية و باير وشيرننك الالمانية وكلاسكو وميرك واندرشوب الانكليزية وهذه مناشىء رصينة للادوية علماً ان الوصفة الواحدة ربما تجاوزت او لم تتجاوز الدينار اما الان فأن المبلغ مفتوح من الالف الى عشرات الالاف , مضى الزمن ودار دورته وافتتحت بعده الكثير من الصيدليات تعددت الاسماء وتعددت مواقعها صيدلية مجاور الاخرى علماً ان التعليمات السابقة كانت لا تجيز ذلك بل تكون مسافة محددة بين صيدلية واخرى وكثرت منتوجات الادوية محلياً وعربياً وعالمياً ولكن شيئاً مهماً قد فقد وهي الصحة وراحة البال لقد ودعها الناس رغم انها سائدة انذاك حيث القليل القليل من المرض مع توفر اجود انواع الادوية واليوم الكثير الكثير من المرض مع اردأ انواع الادوية , متع الله الجميع بالصحة والعافية اهل بعقوبة والعراق والناس في كل مكان.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق